يعد شهر رمضان المبارك فرصةً عظيمةً للمسلمين للاقتداء بهدي النبي ﷺ في الصيام والإفطار، فهو ﷺ كان مثالًا في الاعتدال والتوازن في الطعام والشراب، وكان يتبع سننًا صحيةً وروحيةً تجعل الصيام عبادةً سهلةً وذات فائدة عظيمة للجسم والروح. في هذه المقالة، نستعرض كيفية إفطار النبي ﷺ وسننه في الطعام، بالإضافة إلى بعض الفوائد الصحية لهذه السنن المباركة.
كيف كان النبي ﷺ يفطر؟
كان النبي ﷺ يحرص على تعجيل الفطر وعدم تأخيره، فقد قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» [متفق عليه]، وكان يبدأ إفطاره بـ:
- الرطب: فإن لم يجد، انتقل إلى:
- التمر: فإن لم يجد، شرب ماءً.
وقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «كان رسول الله ﷺ يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء» [أبو داود، الترمذي].
وهذا الترتيب ليس عبثيًا، بل يحمل حكمة عظيمة، حيث إن الرطب والتمر يحتويان على سكريات طبيعية سهلة الامتصاص تمد الجسم بالطاقة سريعًا، بينما الماء يعيد الترطيب للجسم بعد ساعات الصيام.
سنن النبي ﷺ في الطعام
بعد الإفطار، كان النبي ﷺ يتبع عدة سنن في تناوله للطعام، ومنها:
- البدء بالتسمية: كان يقول «بسم الله» قبل الأكل، وإذا نسي المسلم أن يسمي في البداية، فله أن يقول عند التذكر: «بِسمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ» [أبو داود، الترمذي].
- الأكل باليمين: فقد قال النبي ﷺ: «إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه» [مسلم].
- الأكل بثلاثة أصابع: وخاصة عند تناول الأطعمة التي تؤكل باليد، فقد كان هذا من هديه ﷺ.
- الاعتدال في الأكل: كان النبي ﷺ يحث على عدم الإفراط في الطعام، فقال: «ما ملأ آدمي وعاءً شرًا من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه...» [الترمذي].
- عدم عيب الطعام: كان النبي ﷺ إذا أحب طعامًا أكله، وإن لم يعجبه تركه دون أن يعيبه.
- حمد الله بعد الطعام: فقد كان يقول: «الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة»، وهذا الشكر يزيد من بركة الطعام.
الدعاء عند الإفطار
كان النبي ﷺ يقول بعد الإفطار:
"ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله" [أبو داود].
وهذا الدعاء يجمع بين الحمد والشكر لله على نعمة الإفطار، وبين التفاؤل بقبول الصيام والأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى.
الفوائد الصحية لاتباع سنن النبي ﷺ في الإفطار
اتباع سنة النبي ﷺ في الإفطار والطعام لا يمنح فقط الأجر والثواب، بل له فوائد صحية مثبتة، ومنها:
- تعويض السكر المفقود سريعًا: التمر والرطب يحتويان على سكريات طبيعية سهلة الامتصاص، مما يساعد في استعادة الطاقة بسرعة.
- تجنب اضطرابات الجهاز الهضمي: شرب الماء قبل الطعام يساعد على تهيئة المعدة لاستقبال الطعام، ويمنع الشعور بالثقل أو التخمة.
- تعزيز الهضم: الأكل باعتدال ومضغ الطعام جيدًا كما كان يفعل النبي ﷺ يساعد على تحسين عملية الهضم وتجنب عسر الهضم.
- تقليل الشعور بالخمول بعد الإفطار: الإفطار الخفيف وعدم الإفراط في الأكل يمنع الشعور بالكسل ويساعد على أداء الصلاة والنشاط بعد الإفطار.
ختامًا
إن اتباع سنة النبي ﷺ في الإفطار وفي الطعام عمومًا هو طريق إلى الخير في الدنيا والآخرة، فهو يجمع بين العبادة والصحة. فكما أن رمضان فرصة للروح للتقرب من الله، فهو أيضًا فرصة للجسد لاستعادة توازنه وصحته باتباع الهدي النبوي المبارك.