مت فارغا
عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون
مما قرأت أنه سأل أحد المسؤولين زملاءه في اجتماع عمل: ما هي أثمن أرض في العالم...؟
فبدأت تأتيه الإجابات، فمنهم من قال:إنها أرض الخليج الغنية بالنفط
ومنهم من قال :اراضي الألماس في أفريقي
فقال المسؤول إجاباتكم خاطئة، إنها المقبرة...
وبدأ يشرح لهم أن المقابر فيها ملايين الناس ممن قضوا نحبهم وهم ما زالوا يحملون في جعبتهم الكثير من الأفكار الثمينة التي لم تر النور، ولحسن الحظ كان أحد المستمعين بالصدفة هو المؤلف الأميركي الشاب (تود هنري) الذي أعجبته الفكرة كثيرا، فقام بإطلاق كتابه الشهير
(مت فارغا) أو "Die Empty"، حيث وضع فيه أفكارا عملية تساعد الفرد على أن يفرغ يوميا ما في جعبته من طاقات وأفكار ومعلومات مفيدة له ولمجتمعه، والمتأمل لهذه الفكرة يجدها واقعية جدا، فكم من شخص ضليع في العلم أو في التجارب الحياتية تخطّف الموت زهرة شبابه قبل أن يكرمنا بمخزونه الوفير لأنه كان يؤجل عمل اليوم إلى الغد، وفي عالم الأعمال والحياة عموما هناك من يطلق عليهم بالمرشدين أو أصحاب الحكمة أو التجارب العملية الذين يعكفون على تنوير الناس بأفكارهم وتجاربهم، فإذا ما تقاعس هؤلاء الأفراد عن دورهم حرموا غيرهم من خير كثير، والأسوأ إذا كان هذا العالم أو الخبير يُحارب من قبل مسؤوليه في العمل إما غيرة أو شعورا بالضعف أمامه، ولا يعلمون أنهم يرتكبون جريمة بحق هؤلاء ومن سينهل من علمهم، وينسى هؤلاء المسؤولون أو تناسوا أن في كل مؤسسة أعمدة خيمة متينة تقام على أكتافهم نهضة المؤسسة وتقدمها، فإذا ما حاربناهم تراخوا وتراجعوا عن مسيرة العطاء اليومي، وكثيرا ما أتخيل لو أن كل فرد في العالم قدم اليوم أفضل ما لديه بإتقان لصارت الحياة أجمل وأنظم وأدعى للبهجة والسرور، فمثلا عندما تتعطل مصالحنا في دائرة حكومية أو خاصة، أو نسقط في حفرة، أو يتأخر إقلاع طائرتنا لتسيب في إصلاح عطل فني فستجد أن شخصا ما لم يؤد عمل ذلك اليوم على أكمل وجه
الحياة رحلة عطاء، فحين تعطي صديقك أو زميلك من وقتك وجهدك ومشاعرك في المقابل تساهم في تحسين بيئة العمل وتريح نفسك وغيرك، لكن الأهم أن يكون هذا العطاء مستمرا وليس مزاجيا
(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)